تربية الأذن
تؤسس الكلمات العفوية و المحادثات القصيرة بيننا و بين أطفالنا هيكل
التربية ، و ليس ما يتبادر إلى الذهن الحريص للكبار المنظرين من أن الصرامة أو
الصراخ أو العقاب أو الزمجرة أو كل هذا و غيره من هذيان نحسبه علاجا و هو في
الحقيقة مكمن الداء ....
صباح هذا اليوم ، أنعش طفل صمت المترقبين على باب طبيب . يصحبه اثنان
امرأة و رجل . استغرب الصغير من انطفاء ضوء الدرج التلقائي و لما رأى أحدنا يعيده
إلى وهجه أشعت عيناه فهما فنشاطا فرغبة بتنوير من أحاطوه بتعبهم . لكن ، و ككل مرة
يظهر أطفالنا إقدامهم على التعلم و
الاستكشاف بحيوية ، نخرج نحن الكبار سوط التهديد الكاذب لنعيق تطورهم و لنفتح
الباب لعدوى خبيثة تنقل إليهم منا قيح الصفات :
" إيلا شعلتي الضوعاوتاني غادي ندخلك عند
الطبيب يضربلك الشوكه". لعله حفيده فالمدى بين عينيهما يتسع ﻷجيال . المسكين
قاوم هذا التسلط بابتسامة خافتة . إلا أنه انتقم بعدها من جده حين دخلنا إلى عيادة
الطبيب لكن بتهديد طفولي صادق و راق : " إيلا ما سكتتييش غادي نهرّرّك" ههه .. بين القسوة المتجاهلة و النصح الخفيف فرق طفيف و خيط
رهيف . فحين نبدأ مخاطبة الطفل بالصراخ و الكذب فنحن لا نفرق بين لطافة الطفل
اليانعة و السخط في نبرتنا المفزعة . و نفوت على الطفل حاضر الاستمتاع و مستقبل
الاستنصاح ، فسيجد تلكؤا في القرب من الكبار ﻷي متعة يجدها أو خوف ينتابه .
التربية عملية
طويلة أكثر تجلياتها بسيط و بديهي و تلقائي ، و الطفل فيها مشارك أساسي و طرف خلاق
، و بهذا المربي ملزم بالصدق أولا و الرفق ثانيا فهو أصل فكيف يسقي النبع اﻷريج و
ماؤه أجاج .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق