|
الكتابة
المزاجية:
فعل الكتابة يتكرر في أوقات متباعدة و
مناسبات مختلفة. يرتبط المزاج بالكتابة عندما لا نجد مساحة أنسب لفوضانا من ورقة.
ثم نغيب عنها حتى يتراكم التردد مجددا و يفيض مرغَما على الاعتراف. ركز معي على
ذلك الثقل الذي أزحته عن قلبك و الصفاء الذي عاد لعقلك، فبعد كل فضفضة قلمية نحس
بخفة عابرة، إذا ما نجحنا في استخراج أفكارنا و رصفها سطورا و معانٍ.
و تجتمع تلك الكتابات في أوراق و منشورات
افتراضية و تتبعثر في مسودة المذكرات على اختلافها بين الورقي و الرقمي. فماذا
يوجد فيها؟ لا تحدثني عن موضوعاتها قبل أن تنظر إليها نظرة متفحصة كالذي يناظر
ملامحه في مرآة القدر. إنه خطك أنت!
خَطُّكَ عندي أثري.
يُعرِّفُني لنفسي المتنكرة،
يَصِفُني لذاكرتي المتناسية،
ينعاني لناصيتي المتكبرة.
أجد فيه بصمات تعريفي التي لا تقتنع
بمحاولاتي للتصنع.[1]
تقدير
الكتابة بين الشخصي و الجمهوري
أول و أهم مرحلة في الانتقال بالكتابة من
الشخصي المزاجي إلى المنظم الممنهج و القابل أن يكون مقروءً من جماهير مختلفة، هي
التقدير الشخصي لقيمة الكتابات الأولى لِما تحويه من خام الدلالات و عفوية
الأفكار. ففيها آثار منحوتة بقوة المداد حيث سيكون ماضينا محفوظا دائما بما سجلته
أوراقنا الأولى. الكُتّاب أسهل الناس تأنيبا و تقريعا و تقويما لأنهم يضعون في
أوراقهم بصمات أخطائهم و مَلفّات تعريفهم و حتى تطور نُسخِهم. كل هذا يدفعك لتعتز
بفعل كتابتك و حبذا لو تعيد النظر في نظرك إلى حمولتها الغزيرة و خصوصا الكتابات
الأولى. من خلال تحليل دقيق لها و منهجية واعية سنتمكن من تسطير سبل جديدة للكتابة
و الانتقال بها إلى مستوى أعلى.
التحليل
مع اطِّراد الكتابات سيتضح لك أن لها أوقاتا
خاصة و سياقات مميزة دفعتك نحو اللجوء إلى القلم و الورقة. لذا اجمع شتاتك المكتوب
بجميع أنواعه ( فقرة خاصة قادمة توضح هذه الأنواع ) و ناظره بِتَفحُّص باحثا عن هاتين
الصفتين:
-
أوقاتها:
Ø
قبل القرارات: و كأنك تراجع كل تخوفاتك و خططك.
Ø
بعد القرارات و الخسارات: عندما تحتاج حائطا يسندك و أنت
تحت وطأة ترقب النتائج.
Ø
بعد الفرح: رغبةً منك في تخليد صفحة السعادة تلك.
Ø
أثناء انغمار الروح و العقل: أثناء مرورهما تحت موج دافق
أو تصعُّدِهما خلال طبقات أعلى.
-
سياقاتها:
Ø محيطك
الدراسي: قد لا يكون حدّاً لمواضيعك فالكثير نجده يكتب عن مجالات أدبية رغم أنه توجه
توجها علميا في دراسته. لكنه سياق مهم و غني و مستمر ما دمت في احتكاك بمواضيعه
لسنوات.
Ø اهتمامك
الفني و المواهبي: بين أنواع الفنون تتعدد المواهب من رسم و لون و خط و تمثيل و
صوت و صورة و حتى المواهب الرقمية. الكلمة حاضرة في كل هذه الأصناف و لهذا على هذا
التصنيف أن يكون حاضرا وقت التنظيم و التخطيط.
Ø الوسط العملي المهني أو الوظيفي: مثل تأثير
الدراسة العملُ كذلك يصوغ تفكيرنا و يجعلنا نبحث عن فهم لبعض الظواهر و العلاقات
الاجتماعية التي تتصل بالمهنة أو الحرفة...
Ø مجال الفعل
المستهدَف: الكتابة ترجمة لأفكارنا و استباق لآمالنا في مستقبل رؤانا للأشياء و
التصرفات التي نرجو أن تتغير و تتطور.
Ø رؤيتك: في
كل موضوع و مفهوم و مجال نحتفظ برؤيتنا الخاصة في التطرق لكل واحد منهم. عليك أن
تتعرف على نوعية رؤيتك: حالمة، واقعية، متشائمة، حزينة، هادفة، تافهة... المواضيع
تتكرر لكن حاذر أن تكرر رؤية الآخرين فتميّز!
آمن بغزارة معاني ما تكتب! و لو أنه حَبوُك الأول إلا أنه يتضمن إشارات عن أسلوبك و
اهتماماتك.
آمن بتميز أفكارك العفوية و أكرمها بخطها و الحفاظ عليها في هيآتها الخام
الأولى.
آمن بأن لك في الكتابة سبلا و مستقبلا من خلال هذه الكتابات الأولية. لم
تكن لتجلس طوال تلك الليالي و المخاضات من فراغ، بل هو ميل نحو قدسية الكتابة و
شجاعة على مقامها الخالد.
تجميع
شتات الكتابات:
ستفاجأ يا عزيزي و ستفاجئين يا عزيزتي من حجم
كتاباتك عندما تنجحون في تجميعها. عودوا إلى كل كتابة باختلاف صيغها الرقمية و
الورقية:
-
منصات التواصل الاجتماعي: هي مهمة لأنها غالبا ما تكون
عفوية و كثيرة. يمكنك إما أن تعود أدراج منشوراتك إلى ماضيها أو أن تبحث في حسابك
عن كلمات معينة و ستظهر لك النصوص التي تحتويها. فايسبوك، إنسطاغرام، تويتر...
كلها و غيرها يحتفظ لنا بكتاباتنا و يتبقى لنا أن نجمعها في صيغة موحدة لكي نستطيع
تكوين نظرة شاملة عن تاريخ و مضامين كتاباتنا من أجل تسطير مجالات الكتابة
المستقبلية.
-
المذكرة الرقمية: ( NOTES ) لا تنس أن تربط مذكرتك الرقمية في هاتفك
بحساب مضمون ( آيفون، سامسونغ، غوغل... ) لكي تسترجعها في أي وقت و رغم ضياع
هاتفك.
-
الأوراق المنفردة و الدفاتر المتتالية هي مخزون عظيم. لا
تنتقص من قيمة ورقة غير مكتملة! احتفظ بها و أضفها لأخواتها. كل خاطرة غير مكتملة هي دعوة للعودة
إلى ذلك الموضوع مستقبلا حينما ننضج أكثر، فلا تحتقرهن.
-
التعليقات: هي تفاعلك المنطلق من رغبة في إبداء الرأي و
هي تعكس لك ماهية الموضوعات و النقاشات التي تستثيرك فحاول أن تحتفظ بها بنسخها في
مذكرتك الرقمية رفقة المنشور الأصلي. بعض التعليقات يمكن أن تفتح لك في خاطرك رغبة
في بدء كتاب أو إغنائها لتصير نصا مستقلا.
المنهجية
ها أنت ذا أمام كل خطوطك. تستعرض عيناك كل
هذا الزخم المرتبك و المتناثر في نواحي الشعور و المعنى. الخطوة الأولى هي تجميع
كل الكتابات بعد فترة معينة و المعيار هو أن تكون مختلفة و كثيرة ( على الأقل أكثر
من ثلاثين نصا باحتساب النصوص غير المكتملة... ). الخطوة الثانية هي طبع الكتابات
على الورق و إخراجها من محدودية التخزين الرقمي، لأنك بهذا ستحس بقيمة ما تكتب و
ستنظر للنشر كخطوة قادمة. أعود لأؤكد على طبع النصوص غير المكتملة لأنها تمثل
جانبا مهما و مرحلة لازمة في تطور الكتابات و قد يُيسر لك طبعُها ضمَّها مع نصوص
أخرى تشبهها.
بعد قراءتك الشاملة ابدأ في جمع النصوص التي
تندرج ضمن مجال موحد و صنفها اجتماعيا، إنسانيا، أدبيا، تربويا، و شخصيا، أو حسب
نوعية النص: قصة قصيرة، خواطر، أشعار... هذا التصنيف عام قد يندرج تحته أي نص
أدبي، و يأتي بعده تصنيفك الشخصي الذي يجب أن يحمل صفة التخطيط.
البصمة الشخصية هي ما أنت باحث عنه فاجعلها هدفك، فهي ليست مرحلة يمكنك
الانتهاء منها بل أنت مطالب دائما و محتاج للتعرف على ذاتك و كلما استطعت أن تحرز
تقدما في هذه النقطة ستتمكن من أن تجد ما يناسبك في حياتك عموما بسهولة. و لتبدأ
في تخطيط مستقبلك الكتابي عليك أن تنظر للمجالات التي تكتب فيها برؤيتك الخاصة:
كيف تنظر لكل مجال؟
ما الذي تتمنى من كتاباتك أن تصله؟
ما المدى الذي تستهدفه في كل موضوع؟
إلى أين تتجه كتابات كل مجال؟
ما الإضافة التي تعتزم التركيز عليها في كل
مجال؟
هذه الأسئلة و إجاباتها ستمنحك شمولية أكبر و
عليك استغلالها بابتكار تسميات خاصة بك لكل مجال. أن تخلق لكل مجال عنوانا معينا
مميزا و واضحا. مميزا لمضامينك و رؤيتك و واضحا لجمهورك.
سأزيد شرحي لهذه المنهجية بالتطرق لكيفية وضع
هذه المجالات في قوالب و منصات النشر المتاحة، لأنها هي أيضا تعطي للنصوص إضافات
تختلف باختلاف طرق النشر.
طرق
النشر و تأثيرها على نوعية الكتابات
التسميات التي اخترتها لكل مجال هي التي عليك
أن تجعلها هاشطاغات تضيفها لنصوصك الجديدة و القديمة لكي يسهل عليك و على جمهورك
العودة إليها. فاختر عناوين مميزة و غير مستهلكة. خدمة التسميات أو الهاشطاغات
معمول بها في أغلب منصات التواصل الاجتماعي و هي طريقة للتنظيم يجب أن تعمل بها.
قبل التطرق لأنواع منصات النشر عليك أولا أن
تنشئ صفحة في الفايسبوك بنفس الإسم الذي ستفتح به مدوّنة مما سيمكنك من وضع اسمك
بوضوح للقراء. و ثانيا أن تنشئ ختماً Logo برمز خاص و مبتكر و معه إسم صفحتك. هذا
الختم عليك أن تضعه في كل الصور التي تكتب عليها كلماتك و كذلك على الفيديوات التي
تنتجها لكي تُعرف صفحتك و يصعب على أي شخص سرقة محتوياتك.
أنواع
منصات النشر:
-
المدونة الشخصية: BLOG هي خدمة مجانية لدى Google
و مسبقة الدفع لدى WORDPRESS
و هما المنصتان الأكثر شهرة في المجال. المدونة
تعطيك فرصة النشر في موقع خاص بك و يعكس توجهك و يسهل لك التواصل و التفاعل مع
القراء و الكتاب.
-
مدونات عربية و عالمية: هي كثيرة و عليك البحث عنها و
نشر بعض كتاباتك فيها، فهي ملتقيات أدبية و دائمة الإنتاج.
-
انسطاغرام: رغم تركز اهتمام مستخدميه على الصور إلا أنك
بإمكانك كتابة بطاقات أدبية مصحوبة ب ختم صفحتك.
-
صفحة فايسبوك: إسم أدبي و صورة حساب متقنة ثم منشورات
منظمة و متناسبة مع مجريات التواصل الاجتماعي كلها خطوات ستمنحك انطلاقة و
استمرارا جيدا مع قرائك.
-
يوتيوب: أنشئ قناتك الأدبية و حاول أن تصنع محتوى صوتيا
و مرئيا لخواطرك من خلال قراءتك لها بصوت واضح و أيضا بأفكار عرضٍ مبتكرة. الصورة
أصبحت لها أهمية كبيرة حتى في مجال الكلمة فأعطِ لكتاباتك صيَغا متنوعة و متعددة
لتناسب اختلاف الجمهور.
-
منتديات : على الفايسبوك و على المواقع، هي فرصتك
للاستفادة و الإفادة لكن احذر من سرقة كتاباتك!!! لا تنشر جميع كتاباتك و شارك بكتاباتك بصيغة
الصور التي تضع عليها ختم صفحتك. ثم فكر في تسجيل حقوق تأليفك لدى الجهات المسؤولة
في بلدك.
الهدف من هذه الشروحات و النصائح أن تبدأ
مرحلة جديدة من الكتابة تجمع فيها بين المزاجي و المنهجي. و لا تنس أن تقرأ نصوصك
على أهل الاختصاص من أساتذة اللغة و المهتمين بالمجال الأدبي. لأنك بعد قيامك بهذه
المراحل ستجد أن فكرة النشر كبرت في وجدانك و ربما تختار مشروع كتاب تعمل عليه بعد
أن توضحت لك نظرتك لنفسك و رؤيتك للكتابة الأدبية.
و من أجل ربط هذه النصائح بأمثلة واقعية
سأتحدث عن تجربتي في فيديو قادم و في الخطوة التالية سأمدكم بتجربتي الحالية مع
نشر أول كتاب لي لكي تعم الفائدة و نرى تجارب جديدة للكتّاب المبتدئين.
يمكنكم زيارة مدونتي : www.heartwording.blogspot.com
و صفحتي على الفايسبوك : www.facebook.com/khalidink
للاطلاع على طريقة النشر و التنظيم.
مرحبا بأسئلتكم و اقتراحاتكم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق